الجمعة، 25 أكتوبر 2019

قناة السويس المصرية .... والمشاريع البديلة..........................رؤية معاصرة ومقارنة تحليلية

قناة السويس المصرية .... والمشاريع البديلة
رؤية معاصرة ومقارنة تحليلية 


ما بين التهويل الأعلامى والتضليل المتعمد وبعيدا عن عرض المعلومات الصحيحة والتفكير المنطقى للخطوات التى أتخذتها الدولة المصرية أخيرا فى محور قناة السويس أكتب هذا المقال.

المقال:

قناة السويس المصرية .............. لماذا الغيرة وهل نقدر ما نملك من كنوز:


قناة السويس المصرية، الشريان المائى الأهم فى العالم وحلقة الوصل بين جنوب شرق أسيا وأوربا، وتمثل رمانة الميزان فى مصادر الدخل القومى من العملة الأجنبية، والتى خاضت مصر حرب العام 1956 من أجل أسترداد السيادة المصرية على القناة عقب ثورة 1952 وجلاء الأنجليز من مصر.

سفينة حاويات عملاقة تابعة لشركة ميرسك تمر عبر قناة قناة السويس أسفل جسر السلام المعلق

نشأة قناة السويس:

قبل الحديث عن المشاريع البديلة لقناة السويس علينا أولا أن  نلقى الضوء حول تاريخ قناة السويس 


سجل التاريخ أن مصر كانت أول بلد حفر قناة عبر أراضيها بهدف تنشيط التجارة العالمية. تعتبر قناة السويس أقصر الطرق بين الشرق والغرب، ونظرا لموقعها الجغرافي الفريد فهي قناة ملاحية دولية هامة حيث إنها تربط بين البحر الأبيض المتوسط عند بور سعيد والبحر الاحمر عند السويس. تعود فكرة ربط البحر المتوسط مع البحر الأحمر عن طريق قناة إلى 40 قرنا مضت كما تشير إلى ذلك الدراسات التاريخية بدءا من عصر الفراعنة ومرورا بالعصر الإسلامي وحتى تم حفرها للوصول لحالتها الراهنة اليوم.
تعتبر هذه القناة أول قناة إصطناعية تستخدم في السفر والتجارة. وتعود الفكرة الأساسية فى إنشاء قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط الى قديم الزمن حيث حفرت مصر أول قناة إصطناعية على سطح الكوكب عندما حفر الفراعنة قناة تربط بين نهر النيل والبحر الأحمر (suezcanal.gov.eg).

خريطة الوجه البحرى حيث الدلتا وأقليم القناة 


ويظهر النقش الموجود في قبر رجل الدولة وينى الذي عاش خلال الأسرة السادسة من المملكة القديمة (2407-2260 ق م) الكثير عن القناة المصرية وأسباب إنشائها (للسفن حربية ولنقل النصب الحجرية). مازال الدارسون مختلفون حول ما إذا كانت المجاري المائية المذكورة في هذه النقوش تجري بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر أم لا.
حفرت أول قناة تحت حكم فرعون مصر سنوسيرت الثالث (1887-1849 ق م) لربط البحر الأبيض المتوسط في الشمال بالبحر الاحمر في الجنوب عبر نهر النيل وفروعه  (suezcanal.gov.eg).


صورة توضح فروع نهر النيل بالدلتا قديما - الصورة نقلا عن موقع: (/mnoamanetman.blogspot.com)

أهملت القناة في كثير من الأحيان فأمتلأت بالطمى، وأعيد فتحها للملاحة بنجاح بواسطة سيتى الأول (1310 ق م)، ثم نخاو الثاني​​ (610 ق م)، والملك الفارسي داريوس (522 ق م)، وبطليموس الثاني (285 ق م)، والامبراطور تراجان (117 م)، وعمرو بن العاص (640 م) بعد الفتح الإسلامى.
تحت حكم نخاو الثاني تم بناء قناة بين الفرع البيلوزى لنهر النيل​ و النهاية الشمالية للبحيرات المرة (التي تقع بين البحرين) وقد مات على ما ذكر 100,000 شخص في حفر هذه القناة. ولكن على مدى سنوات عديدة أهملت صيانتها ثم أعيد إنشاؤها من جديد (suezcanal.gov.eg).


صورة توضيحية لمعارك الفتوحات الأسلامية 

وكان نخاو أول من قام بمحاولة حفر قناة الى بحر اروتري (خليج السويس والبحر الأحمر حاليا وكان يمتد ليصل قرب مدينة الإسماعيلية الحالية) والتي أتمها فيما بعد داريوس الفارسي. بلغ طول هذه القناة أن استغرقت السفن أربعة أيام لعبورها، وكان إتساعها يسمح لسفينتين تتحركان بالمجاديف بالمرور بجوار بعضهما. وقام بجلب المياه للقناة من نهر النيل. جرت هذه القناة إلى الشمال قليلا من مدينة بوبست (تل بسطا حاليا) حتى مدينة باتيموس (تل المسخوطة حاليا) لتنتهي في بحر اروتري، وكانت بداية الحفر على طول هذه الأجزاء من السهول المصرية التي تقع في مقابل بلاد العرب (الصحراء الشرقية حاليا) وبمحازاة سلاسل الجبال التي تمتد مقابل منف حيث توجد المحاجر. على طول قاعدة هذه السلاسل الجبلية نجد القناة تجري من الغرب إلى الشرق ثم تسير في منحدرات متجهة من الجبل نحو الجنوب ونحومهب الريح الجنوبية حتى تبلغ الخليج العربي (خليج السويس). من هذا المكان نجد أن الرحلة تأخذأقل وأقصر مسافة من البحر الشمالي (البحر الأبيض) إلى البحر الجنوبي (البحر الأحمر) والذي يطلق عليه بحر اروتري لتصل إلى جبل كاسيوس (كثيب القلس عند بحيرة البردويل)، التي هي الحد الفاصل بين مصر وسوريا، المسافة بالضبط هى الف استاد (الاستاد وحدة قياس قديمة تساوي حوالي 200 متر) الى الخليج العربي (خليج السويس) ولكن القناة أطول بكثير لأنها أكثر تعرجا .وفى عهد نيخوس هلك مايقرب من مائة وعشرون ألف عامل اثناء الحفر، وقد توقف نيخوس فى وسط أعمال الحفر، لأن نبوءة عاقتة بقولها أنه يعمل لحساب البربر (المصريون يسمون كل من لا يتكلم لغتهم بربر) -  (suezcanal.gov.eg).


كانت الحضارة الفرعونية سباقة - الصورة من معبد الكرنك بمدينة الأقصر

أعيد حفر القناة، بعد أن كانت مهملة، وذلك تحت حكم الحاكم الفارسي داريوس الأول (522-486 ق م) حيث يمكن رؤيتها الآن على طول وادي الطميلات. ووفقا لهيرودوت، كانت هذه القناة واسعة بما فيه الكفاية لتمر سفينة بأخري ومجاديف السفينتين مفرودة، وتستغرق الرحلة في القناةأربعة ايام. وقد أخلد داريوس ذكرى الانتهاء من القناة بوضع سلسلة من الشواهد الجرانيتية على طول ضفة النيل (suezcanal.gov.eg).



تمثال لهيرودوت 

ويقال أن هذه القناة قد تم مدها إلى البحر الأحمر خلال عهد بطليموس الثاني فيلادلف (285-246 ق م)، وأهملت في وقت مبكر خلال الحكم الروماني ، ولكن أعيد بناؤها من جديد فى عهد تراجان (98-117 م). وعلى مدى عدة قرون، كانت تهمل وأحيانا يتم تكريكها من قبل مختلف الحكام لأغراض مختلفة ولكنها محدودة (suezcanal.gov.eg).



الأمبراطور الرومانى تراجان - الصورة نقلا عن موقع: (/histoc-ar.blogspot.com)

أعاد عمرو بن العاص بناء القناة بعد الفتح الاسلامي لمصر وربط النيل إلى البحر الاحمر لإنشاء خط جديد للإمدادات من القاهرة وقد كانت تستخدم لشحن الحبوب الى الجزيرة العربية ولنقل الحجاج إلى الأراضي المقدسة. أغلقت القناة في 767 م من قبل الخليفة العباسي المنصور لقطع الإمدادات عن المتمردين في الدلتا وتجويع الثوريين في المدينة المنورة (suezcanal.gov.eg).

رسم تخيلى للخليفة العباسى المنصور - الصورة نقلا عن موقع: (amrkhaled.net)

وتعتبر قناة السويس أول قناة تربط مباشرة بين البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الاحمر في العصر الحديث.
وجاءت أول الجهود المبذولة لبناء قناة حديثة جاءت من قبل حملة نابليون بونابرت على مصر، الذي أمل في أن يسبب المشروع مشكلة مدمرة للتجارة الإنجليزية. وقد بدأ هذا المشروع في 1799 من قبل تشارلز لوبير ،ولكن سوء الحسابات قدرت أن الفرق في المستوى بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر كبير جدا (قدر أن البحر الأحمر أعلى بنحو عشرة أمتار من البحر الأبيض المتوسط) والعمل فى القناة توقف بسرعة.
قيل لنابليون أن البحر الأحمر أعلى بـ 30 قدما من البحر الأبيض المتوسط. وقال له المساحين أن حفر القناة يجعل البحر الأحمر يتدفق إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط. 
​​فكر مهندسو نابليون أيضا في إنشاء قناة مباشرة بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ، لكنهم أخطأوا بالحسابات بفرق فى عشرة أمتار بين مستوى سطح البحرين فتوقفوا عن الفكرة لأن ذلك سيؤدي إلى غرق الدلتا  (suezcanal.gov.eg).

مدخل قناة السويس الجنوبى - مدينة السويس 

وفي عام 1833، جاءت مجموعة من العلماء الفرنسيين المعروفة بإسم سان سيمون إلى القاهرة وأصبحت مهتمة جدا بمشروع قناة السويس بالرغم من المشاكل مثل الفرق في مستوى سطح البحرين. لسوء الحظ كان الحاكم محمد علي قليل الإهتمام بذلك المشروع في ذلك الوقت ، وفي عام 1835 قتل الطاعون عدد كبير من المجموعة ومعظم المهندسين عادوا إلى فرنسا. وتركوا وراءهم العديد من المتحمسين للقناة من بينهم فرديناند دي ليسبس (الذي أصبح فيما بعد نائب القنصل الفرنسي في الإسكندرية) والمهندس الفرنسى لينان دى بلفون (suezcanal.gov.eg).


رسم تعبيرى لحفر قناة السويس ويظهر حجم المعاناة التى تحملها المواطن المصرى - الصورة نقلا عن موقع: (fineartamerica.com)

في باريس قامت مجموعة سان سيمون بإنشاء رابطة في عام 1846 لدراسة إمكانية حفر قناة السويس مرة أخرى. وفي عام 1847 أكد بوردالو أنه لا يوجد فرق حقيقي في المستوى بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، ووضع لينان دى بلفون التقرير الفني. ومما يؤسف له أنه كان هناك قدرا كبيرا من المعارضة البريطانية لهذا المشروع ، ومحمد علي الذي كان مريضا فى هذا الوقت وكان أقل تحمساً، في عام 1854 نجح الدبلوماسى الفرنسى المهندس فرديناند ماري دي ليسبس في حشد إهتمام نائب الوالي سعيد باشا للمشروع (suezcanal.gov.eg).

شكل قناة السويس بعد الحفر - الصورة نقلا عن موقع : (shopify.com)

في عام 1858 تشكلت الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وحصلت على امتياز لحفر قناة وتشغيلها لمدة 99 عاما على أن تؤول ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة المصرية. تأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم اسهمها مستثمرين مصريين وفرنسيين. وفي عام 1875 قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم الحكومة المصرية، أشارت الدراسة التجريبية بأن مجموع 2,613 مليون قدم مكعب من التراب يجب أن تزال، بما فيها 600 مليون من اليابسة ، و 2,013 مليون تكريك من المياه. ومجموع تقديرات التكلفة الأصلية هي 200 مليون فرنك (suezcanal.gov.eg).

صورة نادرة لمبنى قناة السويس بمدينة بورسعيد - الصورة نقلا عن موقع: (businessinsider.com)

في البداية عندما واجهت الشركة مشاكل مالية للتمويل، اشترى سعيد باشا 44% من الشركة للإبقاء على تشغيلها ومع ذلك كان البريطانيين والأتراك يشعرون بالقلق من هذا المشروع ورتبوا لوقف المشروع ولو لفترة قصيرة، حتى تدخل نابليون الثالث وبدأ حفر القناة بالفعل في 25 أبريل لعام 1859 وبين ذلك إلى 1862 تم الإنتهاء من الجزء الأول من القناة. ومع ذلك ومع تولي اسماعيل الحكم خلفا لسعيد باشا توقف العمل من جديد . فلجأ فرديناند دي لسبس مرة أخرى لنابليون الثالث، وتشكلت لجنة دولية فى مارس من عام 1864، وقامت اللجنة بحل المشاكل وفي غضون ثلاث سنوات إكتملت القناة فى يوم 17 نوفمبر 1869 حيث أزيل الحاجز عند السويس وتدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط الى البحر الأحمر وافتتحت قناة السويس للملاحة العالمية، أخذ الإنتهاء من 160 كم على طول المجرى المائي للقناة عشر سنوات مؤلمة وجهد شاق من قبل العمال المصريين الذين تم إستدعائهم بمعدل 20,000 كل عشرة أشهر من بين طبقة الفلاحين.

بأنشاء قناة السويس تحولت مدينة السويس الصغيرة إلى نقطة مضيئة بخطوط الملاحة بين الشرق والغرب - الصورة لمدينة بورسعيد قديما - الصورة نقلا عن موقع: (shutterstock.com)

الإنتهاء من قناة السويس كان سببا كبيرا للإحتفال في بورسعيد بدأ الاحتفال المبالغ فيه بالألعاب النارية وحفلة حضرها ستة الاف متفرج شملت العديد من رؤساء الدول، بما فيها الامبراطور اوجينى وإمبراطور النمسا وأمير ويلز وأمير بروسيا وأمير هولندا. ودخلت قافلتين من السفن فى القناة من المداخل الجنوبية والشمالية، وإلتقتا في الإسماعيلية، وقد إستمرت الحفلات لأسابيع، وتميز الإحتفال بافتتاح دار أوبرا إسماعيل العتيقة في القاهرة والتي لم تعد موجودة الآن  (suezcanal.gov.eg).


صورة لأفتتاح قناة السويس ومظاهر البذخ والترحاب الكبير من حاكم مصر أنذاك بهذا الأفتتاح - الصورة نقلا عن موقع: (vam.ac.uk)

في عام 1875 وبسبب الديون الخارجية، قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم المستثمرين المصريين وخاصة أسهم سعيد باشا بنحو 400,000 جنيه إسترليني. ومع ذلك لازالت فرنسا صاحب الإمتياز الأكبر. وبموجب شروط الإتفاقية الدولية التى وقعت في عام 1888 (إتفاقية القسطنطينية) ،إفتتحت القناة لسفن جميع الدول دون تمييز، في السلم والحرب. ومع ذلك فإن بريطانيا إعتبرت القناة ضرورية لصون قوتها البحرية ومصالحها الاستعمارية. وبالتالي فإن أحكام المعاهدة الإنجلومصرية فى 1936 سمحت لبريطانيا للحفاظ على قوة دفاعية على طول منطقة قناة السويس. ولكن القوميين في مصر طالبوا مرارا وتكرارا بإخلاء بريطانيا من منطقة قناة السويس، وفي عام 1954 وقعت الدولتان على إتفاق يأخذ سبع سنوات ليحل محل معاهدة 1936 وينص على الإنسحاب التدريجي لجميع القوات البريطانية من المنطقة  (suezcanal.gov.eg).

بفضل قناة السويس أنشأت مدينة الإسماعلية ومدينة بورسعيد ، الصورة لمدينة السويس وشاطىء القناة - الصورة نقلا عن موقع: (Alamy.com)

إستمرت القناة تحت سيطرة القوتين حتى تأميم جمال عبدالناصر للقناة في عام 1956 ، ومنذ ذلك الحين تديرها هيئة قناة السويس، وقد أغلقت قناة السويس أمام الملاحة مرتين في الفترة المعاصرة. الإغلاق الأول كان وجيز وذلك بعد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على لمصر في عام 1956 ،وكان الدافع الرئيسي للغزو هو تأميم المجرى المائي للقناة ,وقد أعيد فتح القناة في عام 1957. والإغلاق الثاني وقع بعد حرب يونيو 1967 مع إسرائيل واستمر حتى عام 1975 ، عندما وقعت مصر وإسرائيل إتفاق فك الاشتباك الثاني (suezcanal.gov.eg).

قناة السويس الأن وبعد مرور 150 عام   - الصورة نقلا عن موقع: (Alamy.com)

بعد ثورة يوليو 1952، أعلن الرئيس جمال عبد الناصر فى 26 يوليو 1956 قرارا بجعل قناة السويس تحت الإدارة المصرية 100%، مما أثار غضب الدول الكبرى الذى أدى بدوره إلى العدوان الثلاثى على مصر في 29 أكتوبر 1956 الذي تسبب فى إغلاق قناة السويس ، وأعيد فتحها في مارس 1957(suezcanal.gov.eg).


قناة السويس .... وتحديات العصر الحديث فى مجال التجارة و الشحن البحرى:

على الرغم من وجود بعض المشروعات التى يراد لها منافسة قناة السويس ألا أن قناة السويس لها طابع مختلف يميزها عن كل ما سبق فهى المحور والشريان الذى يضمن نقل البضائع من جنوب شرق أسيا إلى أوروبا بسهولة ويسر ولاكن تعانى مصر من ضعف إمكانتها فى مجال الأعمال اللوجستية بقطاع الشحن والنقل البحرى والذى أن تم فى أقليم محور قناة السويس سيكون نقلة جبارة على صعيد الأقتصاد المصرى وثقل مكانة قناة السويس كشريان مائى حيوى فى الأقتصاد العالمى.

مدخل قناة السويس الجنوبى ( مدينة السويس ) 

وبالتالى وبعد عام 2003 و عام 2004 والذى شهدا أفتتاح ميناء شرق التفريعة ( شرق بورسعيد ) فى المدخل الشمالى لقناة السويس والعمل على تطوير محطة الحاويات فى ميناء غرب بورسعيد أيضاً، وكذلك أنشاء ميناء العين السخنة فى محافظة السويس بالمدخل الجنوبى لقناة السويس ، توقفت مصر عن المشروعات اللوجستية فى محور قناة السويس فأجلت المنطقة الصناعية بسيناء عند ميناء شرق بورسعيد ولم يتم التفكير فى أنشاء مشاريع أخرى حيوية حتى العام 2010 وبداية العام 2011 وأحداث يناير التى أدت لرحيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك.

صورة لميدان التحرير رمز التجمعات والمظاهرات فى احداث يناير 2011

وبعدها بشهور أفتتحت التوسعات فى ميناء شرق بورسعيد حيث محطة الحاويات الثانية التابعة لشركة ميرسك الدنمراكية وكوسكو الصينية ومساهمو أخرون ، وطرح موانىء دبى العالمية لمشروع أنشاء المحطة الثانية للحاويات فى ميناء العين السخنة والتى تدير الميناء بحق الأنتفاع ( المشروع لم ينفذ حت العام الحالى 10/04/2019)، طرحت مصر رؤيتها لتنمية محور هيئة قناة السويس والذى يتضمن القيام بحزمة مشروعات عملاقة وواعدة على محور قناة السويس بثلاث محافظات السويس والاسماعلية وبورسعيد .

شاطىء قناة السويس بضاحية بورتوفيق بمدينة السويس 

ثم دوت مفاجئة كبيرة فى طرح الرئيس المصرى السيد / عبد الفتاح السيسى  لمشروع توسعة ( أزدواج ) قناة السويس الذى قدمته الهيئة للسيد الرئيس، وبحسب كلام السيد مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس فأن بعد عرض المشروع كتصور للرئيس أتصل به الرئيس بعد 24 ساعة وقال له أنه لم يستطيع النوم من التفكير فى هذا المشروع الواعد والضخم لقناة السويس فى القرن الواحد والعشرين.

السيد / عبد الفتاح السيسى  رئيس جمهورية مصر العربية 

ميناء شرق بورسعيد  ( محطة الحاويات SCCT)


كان لابد لدوائر صنع القرار فى جمهورية مصر العربية أن تضع فى أعتبارها أهمية هذا المرفق الحيوى والإستراتيجى فى الأقتصادر المصرى، فبعد حرب 1973 وإعادة فتح القناة للملاحة شهدت القناة العديد من مشروعات التطوير والتوسعة والتى ما أنتهت حتى عام 2015 حينما عرض السيد عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية دراسة مشروع أزدواج قناة الويس أو مشروع قناة السويس الجديدة.

منظر عام لقناة السويس 


مدخل قناة السويس الجنوبى بمدينة السويس ويظهر فى الصورة المسجد وضاحية برتوفيق 

لماذا مشروع قناة السويس الجديدة؟!


يقول البعض أن القاهرة غامرت ودفعت ما يقارب 5 مليار جنيه على توسعة ( أزدواج ) قناة السويس بلا داعى، فكان الأفضل أن تدخر تلك الأموال فى مشاريع أخرى كالأسكان أو الصحة أو التعليم....................................!

وذهب البعض الأخر فى التشكيك أصلا بعملية الأنشاء وقالوا أنها وهم كبير تعيشه مصر والمصريون................!؟

أن المشكلة الحقيقية التى نعانى منها فى مصر هو عدم الثقة فى النفس وعدم الخروج من بوطقة الأحتياج وتسليط الضوء فقط فى توفير الخبز وأحتياجات الحياة الأساسية وعدم التفكير فى التنمية بشكل سليم لتوفير تلك المتطلبات من جانب وتطوير وخلق فرص أقتصادية وإجتماعية جديدة أو ما يطلق عليه التطور الأقتصادى وتنمية موارد الدولة وأستغلال مقدرات الأقتصاد بشكل علم وسليم.



صور جوية لعملية أزدواج قناة السويس ( قناة السويس الجديدة )


صورة نقلاً عن Google Earth لشكل أزدواج قناة السويس


صور جوية لعملية أزدواج قناة السويس ( قناة السويس الجديدة )


صور جوية لعملية أزدواج قناة السويس ( قناة السويس الجديدة )
فكرة المشروع:

أن إنشاء قناة جديدة موازية و تعظيم الإستفادة من القناة وتفريعاتها الحالية بهدف تحقيق أكبر نسبه من الأزدواجيه لتسيير السفن فى الاتجاهين بدون توقف فى مناطق انتظار داخل القناة و يقلل من زمن عبور السفن الماره ، و يزيد من قدرتها الأستيعابيه لمرور السفن فى ظل النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية فى المستقبل و ارتباطا بمشروع التنمية بمنطقة قناة السويس و يرفع درجة الثقة فى القناه كأفضل ممر ملاحى عالمى و يقلل من قيمة الفكر فى قنوات بديلة تنافسية بالعالم و المنطقة كما يرفع أيضا درجة الثقة فى إستعداد مصر لإنجاح مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس و ينعكس كل ما سبق على زيادة الدخل القومى المصرى من العملة الصعبة و يصب فى خزينة الدولة مباشرة و إتاحة أكبر عدد من فرص العمل للشباب المصري و خلق مجتمعات عمرانية جديدة (suezcanal.gov.eg).

قناة السويس الجديدة 

الهدف من المشروع:

زيادة الدخل القومى المصرى من العملة الصعبة.تحقيق أكبر نسبة من الإزدواجية فى قناة السويس وزيادتها لنسبة 50% من طول المجرى الملاحي.تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال.تقليل زمن الإنتظار للسفن ليكون 3 ساعات في أسوء الظروف بدلاً من ( 8 إلى 11 ساعة ) مما ينعكس على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن و يرفع من درجة تثمين قناة السويس.الإسهام فى زيادة الطلب على استخدام القناة كممر ملاحى رئيسى عالمى ويرفع من درجة تصنيفها.زيادة القدرة الأستيعابية لمرور السفن فى القناة لمجابهة النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية فى المستقبل.خطوة هامة على الطريق لإنجاح مشروع محور التنميه بمنطقة قناة السويس ودفع عجلة الإقتصاد القومى المصرى لتحويل مصر إلى مركز تجارى ولوجيستى عالمى (suezcanal.gov.eg).

مخطط للمشروع - الصورة نقلا عن موقع: (suezcanal.gov.eg).



العائد و النتائج من المشروع :

زيادة القدرة الإستيعابية للقناة لتكون 97 سفينة قياسية عام 2023 بدلا من 49 سفينة عام 2014.تحقيق العبور المباشر دون توقف لعدد 45 سفينة فى كلا الأتجاهين مع إمكانية السماح لعبور السفن حتى غاطس 66 قدم في جميع أجزاء القناة.زيادة عائد قناة السويس بنسبة 259% عام 2023 ليكون 13.226 مليار دولار مقارنة بالعائد الحالى 5.3 مليار دولار مما يؤدي إلى الإنعكاس الإيجابي المباشر على الدخل القومي المصري من العملة الصعبة.زيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة و سيناء والمحافظات المجاورة مع خلق مجتمعات عمرانية جديدة.تعظيم القدرات التنافسية للقناة و تميزها على القنوات المماثلة رفع درجة التصنيف العالمي للمجرى الملاحي نتيجة زيادة معدلات الأمان الملاحي أثناء مرور السفن (suezcanal.gov.eg).

سفن الحاويات العملاقة تمر من قناة السويس 





تفاصيل مشروع قناة السويس الجديدة:

قناة السويس الجديدة هي تفريعة جديدة لقناة السويس من الكيلو متر 61 إلى الكيلو متر 95 (طبقاً للترقيم الكيلو متري للقناة). تم افتتاحها في 6 أغسطس 2015 بطول 35 كم، بالإضافة إلى توسيع وتعميق تفريعات البحيرات المرة والبلاح بطول 37 كم ليصبح الطول الإجمالي للمشروع 72 كم من الكيلو متر 50 إلى الكيلو متر 122.

طابع تذكارى عن أفتتاح قناة السويس 

يهدف مشروع القناة الجديدة إلى تلافي المشكلات القديمة لقناة السويس من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد عن 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة، ويسمح باستيعاب قناة السويس للسفن العملاقة بغاطس 65 قدم بتكلفة بلغت 4 مليار دولار، مما سيساهم في زيادة دخل القناة مستقبلاً بنسبة 259%.



تضيف زينب نوار خبير اقتصادي ومحاضر مساعد في الجامعة البريطانية في مصر بالقول:

أنه تم افتتاح مشروع قناة السويس الجديد البالغ طوله 72 كيلومتراً والذي استغرق سنة واحدة يوم الخميس الماضي 6 أغسطس لتحقيق إيرادات بلغت 13.5 مليار دولار بحلول عام 2023 ، وهذا بدلاً من إيرادات العام الماضي البالغة 5 مليارات دولار. يتيح الممر المائي الجديد حركة مرور باتجاهين ، مما سيساعد في مضاعفة سعة السفينة اليومية الحالية حتى 97 سفينة يوميًا (meobserver.org).

ومن المؤكد أن مشروع قناة السويس الجديدة سيحدث فرقًا في الاقتصاد العالمي ، حيث إن تقليل وقت العبور سيؤدي إلى انخفاض في تكلفة الإنتاج ، وزيادة في ربحية الشركات في جميع أنحاء العالم (meobserver.org).

من مشروعات تنمية أقليم قناة السويس 

وبالتوازي مع ذلك ، تخطط الحكومة المصرية لتحويل منطقة القناة بأكملها إلى مركز لوجستي ضخم وخدمة السفن والتصنيع. إذا تحقق هذا الطموح ، يمكننا أن نتخيل إلى أي مدى سيعمل هذا المشروع العملاق على دعم الاقتصاد المصري ، وخلق الآلاف من فرص العمل. الرؤية هي بناء مشروع ضخم. هدفها هو زيادة دور منطقة قناة السويس في التجارة الدولية وتطوير مدن القناة الثلاث: السويس والإسماعيلية وبورسعيد  (meobserver.org).  

زيارة لرئيس عبد الفتاح السيسى لمراحل أنشاء القناة - الصورة نقلا عن موقع: (alamy.com)

تضيف زينب نوار بأنه يتضمن المشروع العملاق بناء منطقة صناعية تتكون من 18 مصنعًا جديدًا ، بالإضافة إلى بناء مصانع وخدمات للسفن بين ممر قناة السويس والذي يتضمن: مركز تقديم الطعام والخدمات لتصنيع السفن ومركز للإصلاح ، ومراكز لإعادة التوزيع اللوجستي. سيتم حفر ستة أنفاق جديدة لربط شبه جزيرة سيناء بالوطن المصري. من المقرر أن يقع وادي التكنولوجيا في الجزء الشرقي من محافظة الإسماعيلية ، بعد تجربة وادي السيليكون في الولايات المتحدة. من المخطط أن يكون وادي التكنولوجيا هو الخطوة الأولى لمصر نحو صناعة الإلكترونيات وتصنيع الأجهزة التكنولوجية. سيتم إنشاء مدينة الإسماعيلية الجديدة لاستيعاب ما يقرب من 500000 مصري من أجل تخفيف الضغط من المدن المزدحمة في القاهرة ومدن الدلتا. سيتم بناء مزارع أسماك جديدة في الجانب الشرقي من قناة السويس لإنتاج أسماك عالية الجودة. ويشمل المشروع أيضًا بناء لوحة شمسية وإصلاح 400000 فدان من الأراضي في شمال سيناء باستخدام قناة السلام. ويشمل المشروع الضخم أيضًا تطوير ميناء غرب بورسعيد وميناء شرق بورسعيد وميناء السخنة وميناء العريش  (meobserver.org).

قناة السويس درة التاج  - الصورة نقلا عن موقع: (alamy.com)
تضيف زينب نوار من أن  شأن المشروع الضخم لقناة السويس أن يسهم بالتأكيد في التغيرات الاقتصادية في مصر. لا جدال في أن نكون متشككين فيما يتعلق بنتائج هذا المشروع. المصريون هم الذين بنوا قناة السويس الجديدة في سنة واحدة بدلاً من ثلاث سنوات. المصريون هم الذين تمكنوا من تمويل مشروع بقيمة 8 مليارات دولار من مواردهم الخاصة في أقل من 8 أيام. هل سيكون من الصعب عليهم إنشاء طريق جديد للمستقبل؟  (meobserver.org).
زيارة لرئيس عبد الفتاح السيسى لمراحل أنشاء القناة - الصورة نقلا عن موقع: (alamy.com)




وأثبتت الأحداث المتلاحقة أن وجه نظر القيادة السياسية للدولة وأدارة هيئة قناة السويس فى محلها بعد أن وجهه أنتقادات إلى المشروع أثناء عملية طرحه وأثناء التنفيذ ، فوجدنا روسيا الإتحادية تبشر بطريق القطب الشمالى كبديل  قناة السويس من أجل الإستفادة من تلك المنافع الأقتصادية الكبيرة التى تجنيها مصر من مرور السفن بقناة السويس.


المشاريع المنافسة لقناة السويس المصرية:

ومن أجل فهم السبب وراء أصرار دوائر صانعى القرار فى مصر على السعى وراء تنمية البنى التحتية لقناة السويس والسعى لتنمية محور قناة السويس بشكل كامل ( بورسعيد - الإسماعلية - السويس ) علينا ألقاء الضوء على المشاريع المنافسة لقناة السويس فى مصر والتى يمكن أن تضر بها على المدى المتوسط والبعيد، وهى:

أولاً: قناة بنما فى إمريكا الاتينية

على الرغم أن قناة بنما مجالها الحيوى هو ربط المحيط الأطلسى بالمحيط الهادى، ألا أنها تتنافس مع قناة السويس فى إستقطاب السفن القادمة من ساحل اليابان وأسيا عموما على المحيط الهادى والمتجه إلى الشاطىء الامريكى على المحيط الأطلسى ( مثل ميناء نيوجرسى - ميناء نيويورك - ألخ )، فقبل توسعات قناة بنما الأخيرة والتى تزامنت مع توسعات قناة السويس فى العام 2015 وتكلفت أيضا مبالغ كبيرة للغاية، كانت تلك السفن تبحر عبر قناة السويس ألا أنه وبعض أفتتاح توسعات قناة بنما الأخيرة أصبحت المسافة أقل لتكلك السفن حيث تبحر عبر المحيط الهادى لتعبر قناة بنما ثم تتجه من البحر الكاريبى إلى المحيط الأطلسى والموانىء الإمريكية المطلة عليه.
شكل يوضح فائدة قناة بنما فى الشحن البحرى 
شكل يوضح عملية المقارنة بين قناة بنما وقناة السويس من حيث المنافسة 

أنفو جرافيك يوضح مزايا عملية توسعات قناة بنما فى إستيعاب الأنواع المختلفة من السفن (نقلاً عن موقع قناة بنما )


ثانياً: الطريق القطبى الشمالى عبر روسيا الإتحادية:

 تخرج علينا روسيا من الحين لتقول أنه يمكن للسفن التجارية وخاصة سفن الحاويات أن بحر عبر المحيط المتجمد الشمالى لتنقل البضائع من جنوب شرق أسيا إلى أوروبا عبر موانىء شمال أوروربا بالتعاون مع موانىء روسيا الإتحادية، وعلى الرغم من صعوبة هذا الطريق حيث الجليد الذى يتطلب سفن ذات طبيعة خاصة ( تسمى كاسحات الجليد ) الى أن روسيا تصر على هذا الطريق على أنه بديل مكافىء لقناة السويس، وهذا بالتالى يجعل القاهرة أن تأخذ تلك التحديات على محمل الجد عن طريق ثقل أهمية قناة السويس والسعى نحو إخضاعها فى قالب الأقتصاد العالمى.


شكل توضيحى يبين الفارق بين طريق قناة السويس وطريق القطب الشمالى بروسيا ومسارات طريق الحرير الصينى الجديد 

مسار طريق القطب الشمالى بروسيا الإتحادية 

صورة  توضح وتقارن بين الطريق القطبى الشمالى وقناة السويس 



وطريق القطب الشمالى هو طريق بحر الشمال أو الطريق البحري الشمالي ( Се́верный морско́й путь) هو ممر شحن بحري من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ على طول ساحل القطب الشمالي الروسي من بحر بارنتس، بمحاذاة سيبيريا، إلى الشرق الأقصى. يمكن الإبحار من خلال هذا الطريق في مياه القطب الشمالي الخالية من الجليد مدة شهرين فقط في السنة. وكان يعرف هذا الممر باسم الممر الشمالي الشرقي قبل بداية القرن 20، ولا يزال يسمى بهذا الاسم أحيانا (ar.wikipedia.org).


مخطط لطريق القطب الشمالى كما تراه روسيا الإتحادية.


وتشير وكالة سبوتنيك الروسية بأن لطريق البحري الشمالي، الذي يمر عبر روسيا، قد يصبح منافسا قويا لقناة السويس لأسباب عدة (arabic.sputniknews.com):


  • يمكن للسفينة أن تعبر الطريق البحري الشمالي في زمن قدره 7 — 15 يوما، بسرعة 5 — 13 عقدة، ودون أن تدخل الموانئ. مدة الملاحة للسفن تتراوح من 2- 4 أشهر، وتقوم السفن بعبور الطريق بمساعدة كاسحات الجليد.
  • الأرباح من استخدام الطريق البحري الشمالي للنقل العابر.
  • توفير موارد الوقود.
  • لا توجد مخاطر هجوم القراصنة.
  • عدم وجود الطابور (إنتظار للسفن).
  • تقليل نفقات العاملين ومصاريف تأجير السفينة بفضل انخفاض مدة الرحلة.
  • السفينة تمر بدون مدفوعات مالية.

ويشترط لعبور الطريق البحري الشمالي أن تستطيع السفينة مقاومة الجليد وتحمل معدات خاصة ويقودها طاقم مدرب ويتم توفير الحماية للدفة والرفّاسات (وهذا لعلم القارىء بمدى طبيعة هذا الطريق)



أنفوجرافيك من موقع سبوتنيك عن طريق الشمال الروسى 




هل فشل الطريق القطبى الشمالى عبر روسيا الإتحادية: فى شهر أغسطس 2019م قال رودولف سادييه رئيس شركة الشحن البحرى الفرنسية العملاقة (CMA - CGM) أن شركتة لن تستخدم الممر القطبى الشمالى لأن هذا الطريق يمثل تهديداً للبيئة البحرية الفريدة فى بحر الشمال، وهى الشركة الأولى للشحن البحرى فى فرنسا والرابعة عالميا، كما يشير خبراء بعد توافر شروط تنافسية لممر الشمالى كى يظاهى قناة السويس المصرية لجملة من الأسباب مثل أن السفن فى ممر الشمال تمر فى بعض الشهور من السنة وهى (3-4) شهور فقط ، كما أن السفن التجارية فى حاجة الى كاسحة جليد كى تمهد لها الطريق للمرور مما يؤدى إلى إطالة الرحلة، وكل ذلك الشروط لا يتطلبها المرور بقناة السويس أو قناة بنما ( جريدة الشرق الأوسط -2).

سفينة حاويات ضخمة تابعة لشركة (CMA - CGM) - الصورة نقلا عن موقع: (fleetmon.com)

ثالثاً: مشروع خط سكة حديد دولة الأحتلال فى فلسطين: 

يأتى هذا المشروع من زاوية ربط ميناء حاويات على شاطىء فلسطين المحتلة على البحر المتوسط ( أشدود أو حيفا ) بميناء حاويات على الشاطىء الأخر لفلسطين المحتلة على البحر الأحمر ( إيلات ) بخط سكة حديد لنقل الحاويات والبضائع بين المينائين بالتتابع، وأخذ هذا المشروع زخما بعض أخذ دولة الصين حق أنتفاع لأحدى الموانىء الهامة على ساحل البحر الأبيض المتوسط فى فلسطين المحتلة لأدارته.

صورة لقطار نقل الحاويات يتبع شركة ميرسك العملاقة للشحن البحرى
ميناء شرق بورسعيد والذى يعتبر فخر محور قناة السويس 
محطة الحاويات بميناء شرق بورسعيد تديره شركة APM Terminals  وتسمى محطة قناة السويس لتداول الحاويات

وهذا المشروع يشير بقوة إلى ضرورة الأهتمام بالبنى التحتية الخاصة بمجال الشحن البحرى و الأعمال اللوجستية الخاصة بالتجارة البحرية فى هيئة قناة السويس، ولذلك و من المفارقات الغريبة أن على مصر القيام بهذا المشروع عبر قناة السويس حيث تربط ميناء فى بورسعيد ( ميناء شرق بورسعيد SCCT Port - ميناء غرب بورسعيد ) بميناء للحاويات عند مخل قناة السويس بمدينة السويس حيث يساهم فى عملية تداول الحاويات الترانزيت القادمة عبر السفن المارة بقناة السويس، كما يمكن ربط خط السكة الحديد المقترح بميناء نوبيع و العريش بسيناء وميناء العين السخنة فى مينة السويس  للتكامل منظومة الربط السككى لتداول الحاويات والبضائع عبر محور قناة السويس.

خريطة فلسطين المحتلة ومدون عليها مدن الأحتلال الصهيونى بعد عام 1948م - الصورة نقلا عن : (nationsonline.org)

شكل خط السكة الحديد بين المدن المحتلة على أرض فلسطين ( بين إيلات وأشدود )


وعلى الرغم من العرض السابق لبعض المشروعات التى يراد لها منافسة قناة السويس ألا أن قناة السويس لها طابع مختلف يميزها عن كل ما سبق فهى المحور والشريان الذى يضمن نقل البضائع من جنوب شرق أسيا إلى أوروبا بسهولة ويسر ولاكن تعانى مصر من ضعف إمكانتها فى مجال الأعمال اللوجستية بقطاع الشحن والنقل البحرى والذى أن تم فى أقليم محور قناة السويس سيكون نقلة جبارة على صعيد الأقتصاد المصرى وثقل مكانة قناة السويس كشريان مائى حيوى فى الأقتصاد العالمى.



رابعاً: مشاريع السكسك الحديدية بين الصين و القارة الأوروبية:

تعمل الصين على ربط مدنها الرئيسية بالمدن الأوروبية بواسطة شبكة سكك حديدية تجارية، فأن الرحلة بين الصين وأوروبا عبر قناة السويس المصرية تبلغ 24000كم، بينما تستغرق بواسطة خطوط السكك الحديدية 11000كم للوصول إلى نفس الرحلة، وفى عام 2017 أرتفعت قيمة البضائع المنقولة بالقطار بنسبة 144% مقارنة بعام 2016م بين الصين وأوروبا، وقالت شركة السكك الحديدية الصينية (CRC) بأن حوالى 3000 قطار للحاويات يخدم 35مدينة صينية مع 34 وجهه أوروبية، وفى العام 2006م تجربة وصول قطار حاويات بين مدينة شنغهاى ومدينة هامبورج الألمانية بعد رحلة أستغرقت 36 يوم أما الأن تستغرق 16يوم فقط (/tschudilogistics.com).


صورة توضح مسارات السكك الحديدية بين أوروبا و دولة الصين - الصورة نقلا عن موقع: (.csis.org)



خط سكة حديد The Yiwu – London Railway Line :

خط سكة حديد The Yiwu – London Railway Line هو خط يربط بين مدينة ييوو الصينية ومدينة لندن بالمملكة المتحدة ويغطى مسافة 1200كم، وهو واحد من عدد من خطوط السكك الحديدية تربط بين مدن الصين ومدن أوروبا عبر الأراضى الأوراسية وأفتتح فى 1 يناير 2017م والرحلة تستغرق 18 يوم (en.wikipedia.org).


شكل توضيحى لخط السكة الحديد بين الصين و المملكة المتحدة - الصورة نقلا عن موقع: (gstatic.com)
مخطط الصين الطموح لربط الصين بالمدن الرئيسية بأوروبا عبر أوراسيا - الصورة نقلا عن موقع: (shippingscmlogistics.blogspot.com/)
مسارات السكك الحديدية الرئيسية بجنوب شرق أسيا والصين و بعض الدول الأوراسية - الصورة نقلا عن موقع: (scmp.com)
خط السكة الحديد بين الصين والمملكة المتحدة يوم الأفتتاح - الصورة نقلا عن موقع: (independent.co.uk)





وتعد خدمات نقل البضائع بين الصين وأوروبا بالسكك الحديدية توفر من تكلفة الشحن البحرى بما يقارب 50:45% ، وهناك مساران للسكك الحديدية بين الصين وأوروبا حيث يسير المسار الأول نحو الشمال عبر سيبيريا الروسية أو الإتجاه غرباً نحو كازاخستان قبل الوصول إلى الأراضى الروسية عبر مدينة يكاتيرنبورج والتى تعد مدينة رئيسية فى نقل السكك الحديدية إلى أوروبا (brunelshipping.co.uk).




توضيح شكل مسارات السكك الحديدية بين أوروبا و الدولة الصينية - الصورة نقلا عن موقع: (brunelshipping.co.uk)

وفيما يلى بعض المسارات الإساسية بين الصين وأوروبا (brunelshipping.co.uk):

الصين - وارسو ( العاصمة البولندية)
China – Warsaw (Poland) 12 days

الصين - مدينة هامبورج الإلمانية
China – Hamburg (Germany) 15 days

الصين - المملكة المتحدة ( عبر مدينة Duisburg الإلمانية)
China – United Kingdom (via Duisburg) 23-24 days

الصين - موسكو (العاصمة الروسية)

China – Moscow (Russia) 18 days



طريق الحرير الجديد و قناة السويس:


تقول الصين عن فكرة أحياء طريق الحرير وهو الطريق القديم للتجارة ما بين أسيا وأروبا بأنه أفاق جديدة للتطور فى مجال التجارة العالمية بما يخدم المصالح الحيوية الصينية ورغبتها فى تعزيز الدور الأقتصادى لدولة الصين فى مجال التجارة العالمية وأطلقت الصين شعار جديد هو:


New Silk Road

One Belt One Road

أى طريق الحرير ...، حزام واحد طريق واحد


تهدف الصين بنقل البضائع والسلع من خلال خطوط السكك الحديدية والطرق البرية وبعض الموانىء من أقصى أسيا والصين عبر أوراسيا إلى أوروبا ،ومنذ عدة شهور وصل أول قطار بضائع محمل بالحاويات من الصين إلى لندن فى أطار فكرة أحساء طريق الحرير الجديد ،وكذلك وصل قطار بضائع محمل بالحاويات إلى فرنسا قادماً من إيران.


قطار لنقل البضائع عبر الحاويات فى سويسرا - قارة أوروبا ( نقلاً عن موقع Railpictuers.net)


أن الناظر الجيد لطرح تلك الفكرة الرائعة من أحياء طريق الحرير القديم يجد أن بخلاف دولة الصين صاحبة الفكرة وواحدة من أهم محطات طريق الحرير القديم ،نجد روسيا الأنحادية التى ترغب فى لعب دور كبير فى الأقتصاد العالمى والاوروبى بشكل خاص نظراً لأنها الدولة التى يقع منتصف أراضيها فى قارة أوروبا والنصف الأخر فى قارة أسيا كما أنها تمتلك شبكة سكك حديد جيدة لنقل البضائع والركاب تغطى أطراف تلك الدولة الشاسعة  ،ويوضح الفيديو التالى عبر موقع يوتيوب دور بعض المدن الروسية فى طريق الحرير الجديد (فيديو توضيحى عن طريق الحرير الجديد ).




ولاكن ماذا تحتاج الصين من هذا الطريق الجديد أو المباردة المسماه ( طريق الحرير الجديد ) ،صرح المنتدى الأقتصادى العالمى The World Economic Forum  عبرفيديو من خلال  برنامج يوتيوب بعنوان: لماذا تريد الصين بناء طريق الحرير الجديد 

Why China is Building a New Silk Road



فمن خلال تلك المبادرة الجديدة ما هو مصير قناة السويس كواحد من أهم الشرايين التجارية بين أوروبا وأسيا عبر التجارة البحرية ،وما هو موقف شركات الشحن البحرى عبر العالم ومعظمها شركات أوروبية وأمريكية وأسيوية ،وإلى أى درجة سوف تتأثر إيرادات قناة السويس فى مصر.


صورة توضح مسار أحدى شركات الشحن البحرى عبر قناة السويس من أسيا إلى أوروبا والعكس 

وإلى أى مدى تحتاج مصر إلى أستراتيجية جديدية من أجل التعامل مع تلك المبادرة الجديدة خاصتاً بعد أن أعلنت الصين أن مصر ضمن تلك المبادرة من خلال جعل طريق الحرير الجديد له بعد لقارة أفريقيا.






كل تلك الأسئلة تحتاج إلى أجوبة والأكثر ألحاحاً من ذلك هو القيادة الأقتصادية للدولة المصرية التى تحتاج الى التعامل مع تلك المتغييرات التى لا يمكن تجاهلها خاصتاً ونحن فى تبنى مشروع تنمية محور قناة السويس.






تابع مقال " طريق الحرير الجديد ................ الأفاق والأمال لقناة السويس ................التخوف والأمل " عبر زيارة رابط المقال (أضغط هنا).

الهوامش:


1- موقع هيئة قناة السويس : suezcanal.gov.eg ، تاريخ قناة السويس عبر الرابط التالى:


2- موقع هيئة قناة السويس : suezcanal.gov.eg ، تاريخ قناة السويس عبر الرابط التالى:

3- جريدة الشرق الأوسط اللندنية الناطقة بالعربية وتصدر فى عدة مدن عربية من بينها القاهرة
جريدة الشرق الأوسط، الأحد 25/08/2019 العدد 14880 ،أقتصاد صفحة (18).

4- موقع: tschudilogistics.com

5- موقع: en.wikipedia.org، مقالة : The Yiwu – London Railway Line

6- موقع: brunelshipping.co.uk
الرابط: https://brunelshipping.co.uk/china-rail-freight-services.html



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق