الخميس، 27 أبريل 2017

طريق الحرير الجديد ................ الأفاق والأمال لقناة السويس ................التخوف والأمل

طريق الحرير الجديد

الأفاق والأمال لقناة السويس ،ما بين التخوف والأمل 

(أقتصاد)


قناة السويس
جوهرة التجارة فى عصب الأقتصاد المصرى:

أن قناة السويس لدى كل مصرى لها عبق خاص فكانت سبب فى أحتلال مصر وتطلب أسترجاعها حربا مع ثلاث دول من بينهما انجلتر وفرنسا فى العام 1956 وتطلب فتحها بعد نكسة 1967 حرباً لأسترجاع الشرف والكرامة فى العام 1973 ، وكانت القناة مصدر رزق ودخل لمصر منذ أفتتاحها للملاحة البحرية من جديد فى العام 1975 





مجموعة من الصور النادرة القديمة عن مدينة بورسعيد فى بدايات تشغيل قناة السويس 

أنها قناة السويس:

قناة السويس المصرية، الشريان المائى الأهم فى العالم وحلقة الوصل بين جنوب شرق أسيا وأوربا، وتمثل رمانة الميزان فى مصادر الدخل القومى من العملة الأجنبية، والتى خاضت مصر حرب العام 1956 من أجل أسترداد السيادة المصرية على القناة عقب ثورة 1952 وجلاء الأنجليز من مصر.

مبنى الأرشاد التابع لهيئة قناة السويس فى بورسعيد 

تاريخ قناة السويس المعاصر:

فى عهد الحملة الفرنسية على مصر فكر مهندسو نابليون في إنشاء قناة مباشرة بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ، لكنهم أخطأوا بالحسابات بفرق فى عشرة أمتار بين مستوى سطح البحرين فتوقفوا عن الفكرة لأن ذلك سيؤدي إلى غرق الدلتا.

قناة السويس المعاصرة - الصورة نقلا عن موقع: (wikimedia.org)

وفي عام 1833، جاءت مجموعة من العلماء الفرنسيين المعروفة بإسم سان سيمون إلى القاهرة وأصبحت مهتمة جدا بمشروع قناة السويس بالرغم من المشاكل مثل الفرق في مستوى سطح البحرين. لسوء الحظ كان الحاكم محمد علي قليل الإهتمام بذلك المشروع في ذلك الوقت ، وفي عام 1835 قتل الطاعون عدد كبير من المجموعة ومعظم المهندسين عادوا إلى فرنسا. وتركوا وراءهم العديد من المتحمسين للقناة من بينهم فرديناند دي ليسبس (الذي أصبح فيما بعد نائب القنصل الفرنسي في الإسكندرية) والمهندس الفرنسى لينان دى بلفون (suezcanal.gov.eg)

رسم تخيلى بونابرت - الصورة نقلا عن موقع: (wikimedia.org)

في باريس قامت مجموعة سان سيمون بإنشاء رابطة في عام 1846 لدراسة إمكانية حفر قناة السويس مرة أخرى. وفي عام 1847 أكد بوردالو أنه لا يوجد فرق حقيقي في المستوى بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، ووضع لينان دى بلفون التقرير الفني. ومما يؤسف له أنه كان هناك قدرا كبيرا من المعارضة البريطانية لهذا المشروع ، ومحمد علي الذي كان مريضا فى هذا الوقت وكان أقل تحمساً، في عام 1854 نجح الدبلوماسى الفرنسى المهندس فرديناند ماري دي ليسبس في حشد إهتمام نائب الوالي سعيد باشا للمشروع (suezcanal.gov.eg).

من مظاهر معناة ضباط وجنود الحملة الفرنسية على مصر بعد إصابتهم بالطاعون - الصورة نقلا عن موقع: (wikimedia.org)

في عام 1858 تشكلت الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وحصلت على امتياز لحفر قناة وتشغيلها لمدة 99 عاما على أن تؤول ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة المصرية. تأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم اسهمها مستثمرين مصريين وفرنسيين. وفي عام 1875 قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم الحكومة المصرية، أشارت الدراسة التجريبية بأن مجموع 2,613 مليون قدم مكعب من التراب يجب أن تزال، بما فيها 600 مليون من اليابسة ، و 2,013 مليون تكريك من المياه. ومجموع تقديرات التكلفة الأصلية هي 200 مليون فرنك (suezcanal.gov.eg).

قناة السويس وجسر السلام فى مدينة القنطرة على ضفاف قناة السويس 

في البداية عندما واجهت الشركة مشاكل مالية للتمويل، اشترى سعيد باشا 44% من الشركة للإبقاء على تشغيلها ومع ذلك كان البريطانيين والأتراك يشعرون بالقلق من هذا المشروع ورتبوا لوقف المشروع ولو لفترة قصيرة، حتى تدخل نابليون الثالث وبدأ حفر القناة بالفعل في 25 أبريل لعام 1859 وبين ذلك إلى 1862 تم الإنتهاء من الجزء الأول من القناة. ومع ذلك ومع تولي اسماعيل الحكم خلفا لسعيد باشا توقف العمل من جديد . فلجأ فرديناند دي لسبس مرة أخرى لنابليون الثالث، وتشكلت لجنة دولية فى مارس من عام 1864، وقامت اللجنة بحل المشاكل وفي غضون ثلاث سنوات إكتملت القناة فى يوم 17 نوفمبر 1869 حيث أزيل الحاجز عند السويس وتدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط الى البحر الأحمر وافتتحت قناة السويس للملاحة العالمية، أخذ الإنتهاء من 160 كم على طول المجرى المائي للقناة عشر سنوات مؤلمة وجهد شاق من قبل العمال المصريين الذين تم إستدعائهم بمعدل 20,000 كل عشرة أشهر من بين طبقة الفلاحين

منظر عام من الجو لمدخل قناة السويس الجنوبى بمدينة السويس على ضفاف خليج السويس وتظهر المدينة من السماء
الإنتهاء من قناة السويس كان سببا كبيرا للإحتفال في بورسعيد بدأ الاحتفال المبالغ فيه بالألعاب النارية وحفلة حضرها ستة الاف متفرج شملت العديد من رؤساء الدول، بما فيها الامبراطور اوجينى وإمبراطور النمسا وأمير ويلز وأمير بروسيا وأمير هولندا. ودخلت قافلتين من السفن فى القناة من المداخل الجنوبية والشمالية، وإلتقتا في الإسماعيلية، وقد إستمرت الحفلات لأسابيع، وتميز الإحتفال بافتتاح دار أوبرا إسماعيل العتيقة في القاهرة والتي لم تعد موجودة الآن  (suezcanal.gov.eg).


رسم تخيلى لأفتتاح قناة السويس بمصر فى العام 1869م - الصورة نقلا عن موقع: (wikipedia.org)

في عام 1875 وبسبب الديون الخارجية، قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم المستثمرين المصريين وخاصة أسهم سعيد باشا بنحو 400,000 جنيه إسترليني. ومع ذلك لازالت فرنسا صاحب الإمتياز الأكبر. وبموجب شروط الإتفاقية الدولية التى وقعت في عام 1888 (إتفاقية القسطنطينية) ،إفتتحت القناة لسفن جميع الدول دون تمييز، في السلم والحرب. ومع ذلك فإن بريطانيا إعتبرت القناة ضرورية لصون قوتها البحرية ومصالحها الاستعمارية. وبالتالي فإن أحكام المعاهدة الإنجلومصرية فى 1936 سمحت لبريطانيا للحفاظ على قوة دفاعية على طول منطقة قناة السويس. ولكن القوميين في مصر طالبوا مرارا وتكرارا بإخلاء بريطانيا من منطقة قناة السويس، وفي عام 1954 وقعت الدولتان على إتفاق يأخذ سبع سنوات ليحل محل معاهدة 1936 وينص على الإنسحاب التدريجي لجميع القوات البريطانية من المنطقة  (suezcanal.gov.eg).

سعيد باشا حاكم مصر - الصورة نقلا عن موقع (wikipedia.org)


تمثال فردينال دليسبس ( صورة قديمة ) عند مدخل قناة السويس الشمالى فى بورسعيد قبل العام 1956
قناة السويس ، وصور قديمة عند مخل القناة فى بورسعيد 
إستمرت القناة تحت سيطرة القوتين حتى تأميم جمال عبدالناصر للقناة في عام 1956 ، ومنذ ذلك الحين تديرها هيئة قناة السويس، وقد أغلقت قناة السويس أمام الملاحة مرتين في الفترة المعاصرة. الإغلاق الأول كان وجيز وذلك بعد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على لمصر في عام 1956 ،وكان الدافع الرئيسي للغزو هو تأميم المجرى المائي للقناة ,وقد أعيد فتح القناة في عام 1957. والإغلاق الثاني وقع بعد حرب يونيو 1967 مع إسرائيل واستمر حتى عام 1975 ، عندما وقعت مصر وإسرائيل إتفاق فك الاشتباك الثاني (suezcanal.gov.eg).



منظر رائع لمدينة بورسعيد قديماً 


بعد ثورة يوليو 1952، أعلن الرئيس جمال عبد الناصر فى 26 يوليو 1956 قرارا بجعل قناة السويس تحت الإدارة المصرية 100%، مما أثار غضب الدول الكبرى الذى أدى بدوره إلى العدوان الثلاثى على مصر في 29 أكتوبر 1956 الذي تسبب فى إغلاق قناة السويس ، وأعيد فتحها في مارس 1957(suezcanal.gov.eg).


قناة السويس جوهرة الأقتصاد المصرى:

كان لابد لدوائر صنع القرار فى جمهورية مصر العربية أن تضع فى أعتبارها أهمية هذا المرفق الحيوى والإستراتيجى فى الأقتصادر المصرى، فبعد حرب 1973 وإعادة فتح القناة للملاحة شهدت القناة العديد من مشروعات التطوير والتوسعة والتى ما أنتهت حتى عام 2015 حينما عرض السيد عبد الفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية دراسة مشروع أزدواج قناة الويس أو مشروع قناة السويس الجديدة.

منظر عام لقناة السويس 

مدخل قناة السويس الجنوبى بمدينة السويس ويظهر فى الصورة المسجد وضاحية برتوفيق 

لماذا مشروع قناة السويس الجديدة؟!

يقول البعض أن القاهرة غامرت ودفعت ما يقارب 5 مليار جنيه على توسعة ( أزدواج ) قناة السويس بلا داعى، فكان الأفضل أن تدخر تلك الأموال فى مشاريع أخرى كالأسكان أو الصحة أو التعليم....................................!

وذهب البعض الأخر فى التشكيك أصلا بعملية الأنشاء وقالوا أنها وهم كبير تعيشه مصر والمصريون................!؟

أن المشكلة الحقيقية التى نعانى منها فى مصر هو عدم الثقة فى النفس وعدم الخروج من بوطقة الأحتياج وتسليط الضوء فقط فى توفير الخبز وأحتياجات الحياة الأساسية وعدم التفكير فى التنمية بشكل سليم لتوفير تلك المتطلبات من جانب وتطوير وخلق فرص أقتصادية وإجتماعية جديدة أو ما يطلق عليه التطور الأقتصادى وتنمية موارد الدولة وأستغلال مقدرات الأقتصاد بشكل علم وسليم.


صور جوية لعملية أزدواج قناة السويس ( قناة السويس الجديدة )

صورة نقلاً عن Google Earth لشكل أزدواج قناة السويس

صور جوية لعملية أزدواج قناة السويس ( قناة السويس الجديدة )

صور جوية لعملية أزدواج قناة السويس ( قناة السويس الجديدة )

أن المتابع الجيد للأقتصاد وبخاصة مجال الشحن البحرى وأقتصاد النقل البحرى والموانىء يجد أن على مصر تطوير قناة السويس وعملية النقل والتفريغ والشحن فى محور قناة السويس بشكل أحترافى يضمن توفير فرص أستثمارية جبارة وعظيمة لمصر ويضمن فى ذات الوقت الحفاظ على مكانة قناة السويس لدى الأقتصاد العالمى.

صورة توضح عملية أزدواج قناة السويس من الجو بتقنية Google Earth 
أنفو جرافيك لموقع alarabiya.net الأخبارى عن الفوائد الأقتصادية التى تعود على مصر من توسعة قناة السويس 
ومن أجل فهم السبب وراء أصرار دوائر صانعى القرار فى مصر على السعى وراء تنمية البنى التحتية لقناة السويس والسعى لتنمية محور قناة السويس بشكل كامل ( بورسعيد - الإسماعلية - السويس ) علينا ألقاء الضوء على المشاريع المنافسة لقناة السويس فى مصر والتى يمكن أن تضر بها على المدى المتوسط والبعيد، وهى:

  • قناة بنما فى إمريكا الاتينية: على الرغم أن قناة بنما مجالها الحيوى هو ربط المحيط الأطلسى بالمحيط الهادى، ألا أنها تتنافس مع قناة السويس فى إستقطاب السفن القادمة من ساحل اليابان وأسيا عموما على المحيط الهادى والمتجه إلى الشاطىء الامريكى على المحيط الأطلسى ( مثل ميناء نيوجرسى - ميناء نيويورك - ألخ )، فقبل توسعات قناة بنما الأخيرة والتى تزامنت مع توسعات قناة السويس فى العام 2015 وتكلفت أيضا مبالغ كبيرة للغاية، كانت تلك السفن تبحر عبر قناة السويس ألا أنه وبعض أفتتاح توسعات قناة بنما الأخيرة أصبحت المسافة أقل لتكلك السفن حيث تبحر عبر المحيط الهادى لتعبر قناة بنما ثم تتجه من البحر الكاريبى إلى المحيط الأطلسى والموانىء الإمريكية المطلة عليه.
شكل يوضح فائدة قناة بنما فى الشحن البحرى 
شكل يوضح عملية المقارنة بين قناة بنما وقناة السويس من حيث المنافسة 

أنفو جرافيك يوضح مزايا عملية توسعات قناة بنما فى إستيعاب الأنواع المختلفة من السفن (نقلاً عن موقع قناة بنما )

  • الطريق القطبى الشمالى عبر روسيا الإتحادية: تخرج علينا روسيا من الحين لتقول أنه يمكن للسفن التجارية وخاصة سفن الحاويات أن بحر عبر المحيط المتجمد الشمالى لتنقل البضائع من جنوب شرق أسيا إلى أوروبا عبر موانىء شمال أوروربا بالتعاون مع موانىء روسيا الإتحادية، وعلى الرغم من صعوبة هذا الطريق حيث الجليد الذى يتطلب سفن ذات طبيعة خاصة ( تسمى كاسحات الجليد ) الى أن روسيا تصر على هذا الطريق على أنه بديل مكافىء لقناة السويس، وهذا بالتالى يجعل القاهرة أن تأخذ تلك التحديات على محمل الجد عن طريق ثقل أهمية قناة السويس والسعى نحو إخضاعها فى قالب الأقتصاد العالمى.



مجموعة من الصور التى توضح وتقارن بين الطريق القطبى الشمالى وقناة السويس 
  • هل فشل الطريق القطبى الشمالى عبر روسيا الإتحادية: فى شهر أغسطس 2019م قال رودولف سادييه رئيس شركة الشحن البحرى الفرنسية العملاقة (CMA - CGM) أن شركتة لن تستخدم الممر القطبى الشمالى لأن هذا الطريق يمثل تهديداً للبيئة البحرية الفريدة فى بحر الشمال، وهى الشركة الأولى للشحن البحرى فى فرنسا والرابعة عالميا، كما يشير خبراء بعد توافر شروط تنافسية لممر الشمالى كى يظاهى قناة السويس المصرية لجملة من الأسباب مثل أن السفن فى ممر الشمال تمر فى بعض الشهور من السنة وهى (3-4) شهور فقط ، كما أن السفن التجارية فى حاجة الى كاسحة جليد كى تمهد لها الطريق للمرور مما يؤدى إلى إطالة الرحلة، وكل ذلك الشروط لا يتطلبها المرور بقناة السويس أو قناة بنما ( جريدة الشرق الأوسط -2).
سفينة حاويات ضخمة تابعة لشركة (CMA - CGM) - الصورة نقلا عن موقع: (fleetmon.com)

  • مشروع خط سكة حديد دولة الأحتلال فى فلسطين: يأتى هذا المشروع من زاوية ربط ميناء حاويات على شاطىء فلسطين المحتلة على البحر المتوسط ( أشدود أو حيفا ) بميناء حاويات على الشاطىء الأخر لفلسطين المحتلة على البحر الأحمر ( إيلات ) بخط سكة حديد لنقل الحاويات والبضائع بين المينائين بالتتابع، وأخذ هذا المشروع زخما بعض أخذ دولة الصين حق أنتفاع لأحدى الموانىء الهامة على ساحل البحر الأبيض المتوسط فى فلسطين المحتلة لأدارته، الا أن من المفارقات الغريبة أن على مصر القيام بهذا المشروع عبر قناة السويس حيث تربط ميناء فى بورسعيد ( ميناء شرق بورسعيد SCCT Port - ميناء غرب بورسعيد ) بميناء للحاويات عند مخل قناة السويس بمدينة السويس حيث يساهم فى عملية تداول الحاويات الترانزيت القادمة عبر السفن المارة بقناة السويس، كما يمكن ربط خط السكة الحديد المقترح بميناء نوبيع و العريش بسيناء وميناء العين السخنة فى مينة السويس  للتكامل منظومة الربط السككى لتداول الحاويات والبضائع عبر محور قناة السويس.
صورة لقطار نقل الحاويات يتبع شركة ميرسك العملاقة للشحن البحرى
ميناء شرق بورسعيد والذى يعتبر فخر محور قناة السويس 
محطة الحاويات بميناء شرق بورسعيد تديره شركة APM Terminals  وتسمى محطة قناة السويس لتداول الحاويات


على الرغم من العرض السابق لبعض المشروعات التى يراد لها منافسة قناة السويس ألا أن قناة السويس لها طابع مختلف يميزها عن كل ما سبق فهى المحور والشريان الذى يضمن نقل البضائع من جنوب شرق أسيا إلى أوروبا بسهولة ويسر ولاكن تعانى مصر من ضعف إمكانتها فى مجال الأعمال اللوجستية بقطاع الشحن والنقل البحرى والذى أن تم فى أقليم محور قناة السويس سيكون نقلة جبارة على صعيد الأقتصاد المصرى وثقل مكانة قناة السويس كشريان مائى حيوى فى الأقتصاد العالمى.

مدخل قناة السويس الجنوبى ( مدينة السويس ) 

وبالتالى وبعد عام 2003 و عام 2004 والذى شهدا أفتتاح ميناء شرق التفريعة ( شرق بورسعيد ) فى المدخل الشمالى لقناة السويس والعمل على تطوير محطة الحاويات فى ميناء غرب بورسعيد أيضاً، وكذلك أنشاء ميناء العين السخنة فى محافظة السويس بالمدخل الجنوبى لقناة السويس ، توقفت مصر عن المشروعات اللوجستية فى محور قناة السويس فأجلت المنطقة الصناعية بسيناء عند ميناء شرق بورسعيد ولم يتم التفكير فى أنشاء مشاريع أخرى حيوية حتى العام 2010 وبداية العام 2011 وأحداث يناير التى أدت لرحيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك.

صورة لميدان التحرير رمز التجمعات والمظاهرات فى احداث يناير 2011

وبعدها بشهور أفتتحت التوسعات فى ميناء شرق بورسعيد حيث محطة الحاويات الثانية التابعة لشركة ميرسك الدنمراكية وكوسكو الصينية ومساهمو أخرون ، وطرح موانىء دبى العالمية لمشروع أنشاء المحطة الثانية للحاويات فى ميناء العين السخنة والتى تدير الميناء بحق الأنتفاع ( المشروع لم ينفذ حت العام الحالى 10/04/2019)، طرحت مصر رؤيتها لتنمية محور هيئة قناة السويس والذى يتضمن القيام بحزمة مشروعات عملاقة وواعدة على محور قناة السويس بثلاث محافظات السويس والاسماعلية وبورسعيد .

شاطىء قناة السويس بضاحية بورتوفيق بمدينة السويس 

ثم دوت مفاجئة كبيرة فى طرح الرئيس المصرى السيد / عبد الفتاح السيسى  لمشروع توسعة ( أزدواج ) قناة السويس الذى قدمته الهيئة للسيد الرئيس، وبحسب كلام السيد مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس فأن بعد عرض المشروع كتصور للرئيس أتصل به الرئيس بعد 24 ساعة وقال له أنه لم يستطيع النوم من التفكير فى هذا المشروع الواعد والضخم لقناة السويس فى القرن الواحد والعشرين.

السيد / عبد الفتاح السيسى  رئيس جمهورية مصر العربية 

ميناء شرق بورسعيد  ( محطة الحاويات SCCT)


طريق الحرير الجديد:

تقول الصين عن فكرة أحياء طريق الحرير وهو الطريق القديم للتجارة ما بين أسيا وأروبا بأنه أفاق جديدة للتطور فى مجال التجارة العالمية بما يخدم المصالح الحيوية الصينية ورغبتها فى تعزيز الدور الأقتصادى لدولة الصين فى مجال التجارة العالمية وأطلقت الصين شعار جديد هو:


New Silk Road

One Belt One Road

أى طريق الحرير ...، حزام واحد طريق واحد


تهدف الصين بنقل البضائع والسلع من خلال خطوط السكك الحديدية والطرق البرية وبعض الموانىء من أقصى أسيا والصين عبر أوراسيا إلى أوروبا ،ومنذ عدة شهور وصل أول قطار بضائع محمل بالحاويات من الصين إلى لندن فى أطار فكرة أحساء طريق الحرير الجديد ،وكذلك وصل قطار بضائع محمل بالحاويات إلى فرنسا قادماً من إيران.

قطار لنقل البضائع عبر الحاويات فى سويسرا - قارة أوروبا ( نقلاً عن موقع Railpictuers.net)

أن الناظر الجيد لطرح تلك الفكرة الرائعة من أحياء طريق الحرير القديم يجد أن بخلاف دولة الصين صاحبة الفكرة وواحدة من أهم محطات طريق الحرير القديم ،نجد روسيا الأنحادية التى ترغب فى لعب دور كبير فى الأقتصاد العالمى والاوروبى بشكل خاص نظراً لأنها الدولة التى يقع منتصف أراضيها فى قارة أوروبا والنصف الأخر فى قارة أسيا كما أنها تمتلك شبكة سكك حديد جيدة لنقل البضائع والركاب تغطى أطراف تلك الدولة الشاسعة  ،ويوضح الفيديو التالى عبر موقع يوتيوب دور بعض المدن الروسية فى طريق الحرير الجديد (فيديو توضيحى عن طريق الحرير الجديد ).


ولاكن ماذا تحتاج الصين من هذا الطريق الجديد أو المباردة المسماه ( طريق الحرير الجديد ) ،صرح المنتدى الأقتصادى العالمى The World Economic Forum  عبرفيديو من خلال  برنامج يوتيوب بعنوان: لماذا تريد الصين بناء طريق الحرير الجديد 

Why China is Building a New Silk Road



فمن خلال تلك المبادرة الجديدة ما هو مصير قناة السويس كواحد من أهم الشرايين التجارية بين أوروبا وأسيا عبر التجارة البحرية ،وما هو موقف شركات الشحن البحرى عبر العالم ومعظمها شركات أوروبية وأمريكية وأسيوية ،وإلى أى درجة سوف تتأثر إيرادات قناة السويس فى مصر.

صورة توضح مسار أحدى شركات الشحن البحرى عبر قناة السويس من أسيا إلى أوروبا والعكس 

وإلى أى مدى تحتاج مصر إلى أستراتيجية جديدية من أجل التعامل مع تلك المبادرة الجديدة خاصتاً بعد أن أعلنت الصين أن مصر ضمن تلك المبادرة من خلال جعل طريق الحرير الجديد له بعد لقارة أفريقيا.




كل تلك الأسئلة تحتاج إلى أجوبة والأكثر ألحاحاً من ذلك هو القيادة الأقتصادية للدولة المصرية التى تحتاج الى التعامل مع تلك المتغييرات التى لا يمكن تجاهلها خاصتاً ونحن فى تبنى مشروع تنمية محور قناة السويس.




الهوامش:

1- موقع هيئة قناة السويس : suezcanal.gov.eg ، تاريخ قناة السويس عبر الرابط التالى:

2- جريدة الشرق الأوسط اللندنية الناطقة بالعربية وتصدر فى عدة مدن عربية من بينها القاهرة
جريدة الشرق الأوسط، الأحد 25/08/2019 العدد 14880 ،أقتصاد صفحة (18).